الشخصية العلمية لابن خلدون

**عبد الله** الخميس ديسمبر 23, 2010 8:42 pm

الشخصية العلمية لعبد الرحمن ابن خلدون
إن الكلام عن عبقرية الإنسانية المتمثلة في ابن خلدون وعن رسالته في تاريخ العالم ومظاهر عظمته فيما خلفه من آثار وبصمات في عقول العلماء وخاصة في مقدمته التي انشأ في علما جديدا وهو ما نسميه الآن بعلم الاجتماع واتى فيها بما لم يستطع احد من قبله أن يأتي بمثله ،وهذا ما يدل على رسوخ قدمه في كثير من العلوم.
المطلب الأول:عبد الرحمن ابن خلدون
الفرع الأول:اسمه وكنيته وشهرته:هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خالد (المعروف ابن خلدون بن عثمان بن هانئ بن الخطاب بن كريب بن معد يكرب بن الحارث بن وائل بن حجر )
أما كنيته:فهي أبو زيد، ابنه الأكبر.ولقبه ولي الدين والذي أطلق عليه هذا اللقب هو السلطان الظاهر برقوق من سلاطين المماليك في مصر عندما سلمه قضاء المالكية .
وأما شهرته:ابن خلدون نسبة إلى جده الخالد ابن عثمان .
الفرع الثاني:مولده ونشأته :ولد ابن خلدون في تونس، في غرة رمضان 732هجرية - الموافق 27 مارس 1322م- وتوفي في مصر بعد أن شغل منصب قاضي قضاتها في 26 رمضان 808ه - الموافق 16 مارس 1405م.
ترعرع العلامة المؤمن بالله(ابن خلدون) في أسرة ترجع بأصلها إلى اليمن وقد هاجر جده خلدون إلى الأندلس في القرن الثالث هجري وسكن اشبيلية ثم انتقل بعض أفراد أسرته من اشبيلية إلى بسبته ثم إلى عنابه وتونس .
فجدود أسرة العلامة ابن خلدون من أشهر العلماء الذين عملوا في خدمة الدولة الأندلسية قبل سقوطها في تونس في مناصب ذات أهمية "وبلا شك إن عبد الرحمن ابن خلدون قد تأثر بظروف بشاته تأثيرا كبيرا فشب محبا للعلم ومهتما بالسياسة" .
ولقد سار العلامة ابن خلدون في تعليمه على نمط تقليدي متوارث فبدا يحفظ القران ودراسة الحديث الشريف ثم درس العلوم الشرعية الإسلامية وقواعد اللغة العربية وكانت عائلته تنتقي له أفضل الأساتذة المعروفين في عصره لتعليمه وتربيته خلال دراسته عرف ابن خلدون بقدرته الكبيرة على استيعاب المواد العلمية التي درسها وبذكائه ورغبته في تلقي المزيد من العلم .وفيما بعد قام بنفسه بدراسة علوم الفلسفة التي ارتفعت وازدهر في العصر الأندلسي و تأثر تأثرا كبيرا بكتابات فلسفة الإغريق و خاصة ارسوا.كما درس أيضا كتب الحكمة و التصوف الإسلامي و في السن العشرين عين في احد مناصب الدولة و لكنه قرر تركها بعد عامين فقط والرحيل من تونس إلى مراكش و بقي بعيدا عن تونس عشرون عاما(1354_1373)و استقر في فاس فأكمل تعليمه و التقى بعديد من أهل العلم والفلسفة ومما يذكر أن فاس بها جامعة أسست 859م و كانت مركزا حضاريا هاما و ملتقى أهل العلم .
وسرعان ما أصبح ابن خلدون نافذا في الأوساط السياسة للدولة .ونقلب خلال حياته في مراكش في مناصب سياسة عديدة لها شأنها وخطرها كان من بينها رئاسة الوزراء في إحدى المقاطعات عام 1365.ودخل السجن مرة ،كما اعتقل لأسباب سياسية مرة أخرى.
المطلب الثاني:مراحل حياته
بعد استقراء سيرة ابن خلدون يمكننا أن نقسم حياته إلى أربع مراحل تمتاز كل واحدة بنشاط علمي وعملي مميز بكل إبداع وبراعة.
1ـ مرحلة النشأة والتحصيل العلمي (732-751ه):قضاها في مسقط رأسه بتونس حيث شرع في حفظ القران الكريم في مسجد القبة وجود القراءات السبع ودرس في هذه المرحلة أيضا العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول وتوحيد والعلوم اللسانية ثم الفلسفية والعلوم الطبيعية، وحظي في جميع دراساته بإعجاب أساتذته ونال إجازاتهم .
2ـ مرحلة الوظائف الديوانية والسياسة (776-784):"عاشها منتقلا بين بلاد المغرب الأدنى والأوسط والأقصى وبعض بلاد الأندلس ،وقد استأثرت الوظائف الديوانية والسياسية بمعظم وقته وجهوده أثناء هذه المرحلة".
3ـ مرحلة التفرغ للتأليف (776-784): أي بثمان سنين أربعة سنوات في قلعة لبني سلامة والنصف الباقي في تونس,ومن بين الأشياء التي صنفها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ويطلق الآن على القسم الأول من هذا الكتاب اسم مقدمة ابن خلدون وهو يشغل مجلدا واحدا من أصل سبعة مجلدات يشغلها هذا الكتاب وقد مكث بالقسم الأول خمسة أشهر.
4ـ مرحلة وظائف التدريس والقضاء (784-808):قضاها في مصر وقد استأثرت وظائف التدريس والقضاء بأكبر قسط من وقته وجهوده ."ومن اكبر مراحل حياتها إثارة مقابلته في دمشق (تيمور لنك)السفاح التتري المشهور،وكيف كان دمثا معه والكوارث الجمة التي ألمت به منذ مطلع حياته حين أدى الطاعون الجارف إلى موت والديه وأصدقائه وأساتذته ،وهو لم يتعد ثمانية عشر سنة من عمره ثم كارثة غرق زوجته وأولاده جميعا وهم قادمون في سفينة من تونس إلى مصر كما ضاع الكثير من ماله وكتبه في هذه الكارثة وكان عمره سنه آنذاك الخامسة والخمسين "